( في محبة .. الوالد ) ( الأخيرة )
إنقضت ( 46 يوم ) وأنا مع الوالد ( عبد الرازق ) في ذلك الجناح الصغير .. في ( مستشفى معهد ناصر ) بالقاهرة
- غرفة بها سريران وملحق بها ( صالة صغيرة ) بها جلسة من كنبة وكرسيين وتلاجة صغيرة وتلفزيون وتلفون قديم كده ..
- في هذا المساحة التي يطل شباكها على ( حديقة المستشفى ) ومنه يمكنك أن تشاهد ( كورنيش النيل القاهري ) الذي لا ينام أبداً
- في هذه المساحة .. عرفت ( أبوي ) الذي لم أعرفه في سابق عمري
- إتونسنا ساعات وساعات بدون ملل
- ساعات من ( الونسة ) لا يقطعها سوى رنين ( التلفون )
- مكالمة صباحية ( يومية ) من عمنا ( عبد الوهاب الشيخ ) الشقيق الأصغر لأبوي .. ومن بعده مكالمة ( عبد الباسط سليمان الشيخ ) إبن عمي
- طيلة هذه الفترة لم ينقطع عمنا ( أحمد المدني ) عن والدي يحضر كل يوم من الساعة 10 صباحاً ولا يفارقنا إلا بعد صلاة العشاء ليذهب لشقته في ( الفيصل ) والله لم يغب عننا يوم واحد يشهد الله
- ولن أنسى .. ( محمد الحاج حامد المنوفي ) عليه رحمة الله وعدم إنقطاعه عننا طيلة الفترة وهو إبن صديق والدي ( الحاج حامد منوفي ) الذي عاش وتوفي بالقاهرة وكان من أعز الناس إلى قلب أبوي
- وطيلة هذه الفترة كان البروف ( زهير مبارك ) ورفيقة عمره ( مريم التجاني سعد ) هما السند الذي إتكأت عليه كانا يزوران الوالد كل يوم في المساء
- وفي فترة ( شهر رمضان ) كان دكتور ( زهير ) يرسل لي العربية مع السواق لأتناول ( إفطار رمضان ) في الشقة بتاعتهم ويتناوب ( محمد علي أحمد حسن ) و ( إبراهيم الصديق بحر الدين ) و ( محمد الخاتم زهير مبارك ) في رعاية والدي في المستشفى حتى أرجع أنا من ( فطور رمضان )
- الحاجات دي قد تبدو بسيطة لأغلب الناس ولكن بالنسبة لي فهي كانت وظلت وستظل ( وقفة عظيمة ) لا وصف لها ولا سقف
- لا أنسى صديقنا ( أنس محجوب محمد علي ) وعلى وقفته العظيمة معي وذلك شأن سأعود إليه لاحقاً
- تم إجراء العملية للوالد وكنت أنا والعم ( أحمد المدني ) و الصديق ( محمد حاج حامد المنوفي ) في غرفة الإنتظار حتى نهاية العملية وبعد ذلك سمح لي أنا وحدي بالدخول على الوالد وكانت لحظات مازلت أرتجف من مجرد ذكراها
- بعد 3 يوم تم إعادة الوالد للغرفة وإخراجه من غرفة العناية المكثفة
- بعد العملية وإطمئناني على نجاحها وبعد وصول زوجة الوالد من السودان السيدة الفاضلة ( عفاف ) أبوي قال لي ( خلاص بعد ده سافر أمشي شوف شغلك )
- كنت راجع ( لواشنطن ) بال KLM .. وكان موعد الحضور للمطار 8 مساء
- في ذلك اليوم .. لم أفارق ( سرير الوالد )
- كنت بعصر ليهو في رجلينو لأنه كان يحس بخدر
- مشيت الفندق بسرعة شلت شنطتي ورجعت تاني المستشفى
- ما عارف الزمن مشى كيف بتلك السرعة وأتت ساعة المغادرة
- عمي ( أحمد المدني ) كان موجود وكان بيحاول يلطف الجو بحديثه اللطيف وقصصه الألطف ولكن كان قلبي مقبوض والدموع ما وقفت مني أبداً
- جلس والدي على طرف السرير وسألته بالله إنو ما يقوم
- إنحنيت عليه قبلت رأسه وسألته العفو
- قال : ( يا محمد .. أنا عافي منك ومن أخواتك البنات وراضي عليكم دنيا وآخرة وأنا أتعبتك معاي يا إبني )
- هنا ما قدرت أمسك نفسي بكيت وقالدته وهو جالس وأنا منحني عليه حتى أمسكني عم ( أحمد المدني ) وأبعدني عنه وقالدني هو وقال لي ( العربية واقفة بره ) ( تصل بالسلامة )
- شلت شنطتي وتعمدت أن لا يرى ( ابوي ) وجهي ومدى حالة الضعف التي كنت فيها .. وخرجت
- خرجت تاركاً ورائي ( اعز مخلوق عندي في الدنيا ) ودموعي تملأ وجهي وحالة إنقباض أوجعت قلبي حقيقة
- كانت تلك آخر ثواني لي مع ( عبد الرازق محمد الشيخ ) .. والدي
- بعد وصولي لواشنطن ورجوعي للعمل كنت متواصل معه يومياً
- وبعد 10 يوم من وصولي ( لواشنطن ) .. وفي تمام الساعة 2 ونص صباحاً رن جرس التلفون في الشقة
- وجاءني صوت الدكتور ( زهير مبارك ) مترعاً بالحزن ( محمد .. يا إبني البركة فيكم .. الوالد عبد الرازق في ذمة الله )
- هنا يجب أن أتوقف لأنني لا أستطيع الكتابة أكثر فأنا بالمكتب
- وجاني ( حزن الكون كله .. وإتكوم قدامي )
- هذا كان والدي ( عبد الرازق محمد الشيخ ) الذي عرفته طفلاً وشاباً ورجلاً متزوج وعنده أطفال
- هذا كان والدي ( عبد الرازق ) إنساناً متفرد كريم شجاع يحب أمه وأبوه وأخوانه وأخواته محبة صافية وبقلب نقي ويقدر أصدقائه
- كان شجاعاً حين أخفى ( الشريف حسين الهندي ) في منزله ( بحي الزهور ) بالخرطوم وكل دولة ( نميري ) كانت تفتش عنه .. ولم يصرح بذلك لأحد .. لأن ( الشريف حسين ) كان صديقه وصديق عمي ( عبد الوهاب ) .. قبل أن تكون السياسة هي الجامع
- رحل والدي في ذلك المساء وما زلت أعاني من ( ندم سفري لواشنطن ) يومها
- الحمد لله من قبل ومن بعد
- شقيقاتي الحبيبات ( آمال - نادية - إقبال - رابعة ) أنا آسف ان اثرت شجونكم في هذا الصباح
يا ربي تقبله في الجنان العلا مع امي (خديجه بت حاج يوسف)
و شقيقي الوحيد (سعد عبد الرازق)
محمد عبد الرازق
إنقضت ( 46 يوم ) وأنا مع الوالد ( عبد الرازق ) في ذلك الجناح الصغير .. في ( مستشفى معهد ناصر ) بالقاهرة
- غرفة بها سريران وملحق بها ( صالة صغيرة ) بها جلسة من كنبة وكرسيين وتلاجة صغيرة وتلفزيون وتلفون قديم كده ..
- في هذا المساحة التي يطل شباكها على ( حديقة المستشفى ) ومنه يمكنك أن تشاهد ( كورنيش النيل القاهري ) الذي لا ينام أبداً
- في هذه المساحة .. عرفت ( أبوي ) الذي لم أعرفه في سابق عمري
- إتونسنا ساعات وساعات بدون ملل
- ساعات من ( الونسة ) لا يقطعها سوى رنين ( التلفون )
- مكالمة صباحية ( يومية ) من عمنا ( عبد الوهاب الشيخ ) الشقيق الأصغر لأبوي .. ومن بعده مكالمة ( عبد الباسط سليمان الشيخ ) إبن عمي
- طيلة هذه الفترة لم ينقطع عمنا ( أحمد المدني ) عن والدي يحضر كل يوم من الساعة 10 صباحاً ولا يفارقنا إلا بعد صلاة العشاء ليذهب لشقته في ( الفيصل ) والله لم يغب عننا يوم واحد يشهد الله
- ولن أنسى .. ( محمد الحاج حامد المنوفي ) عليه رحمة الله وعدم إنقطاعه عننا طيلة الفترة وهو إبن صديق والدي ( الحاج حامد منوفي ) الذي عاش وتوفي بالقاهرة وكان من أعز الناس إلى قلب أبوي
- وطيلة هذه الفترة كان البروف ( زهير مبارك ) ورفيقة عمره ( مريم التجاني سعد ) هما السند الذي إتكأت عليه كانا يزوران الوالد كل يوم في المساء
- وفي فترة ( شهر رمضان ) كان دكتور ( زهير ) يرسل لي العربية مع السواق لأتناول ( إفطار رمضان ) في الشقة بتاعتهم ويتناوب ( محمد علي أحمد حسن ) و ( إبراهيم الصديق بحر الدين ) و ( محمد الخاتم زهير مبارك ) في رعاية والدي في المستشفى حتى أرجع أنا من ( فطور رمضان )
- الحاجات دي قد تبدو بسيطة لأغلب الناس ولكن بالنسبة لي فهي كانت وظلت وستظل ( وقفة عظيمة ) لا وصف لها ولا سقف
- لا أنسى صديقنا ( أنس محجوب محمد علي ) وعلى وقفته العظيمة معي وذلك شأن سأعود إليه لاحقاً
- تم إجراء العملية للوالد وكنت أنا والعم ( أحمد المدني ) و الصديق ( محمد حاج حامد المنوفي ) في غرفة الإنتظار حتى نهاية العملية وبعد ذلك سمح لي أنا وحدي بالدخول على الوالد وكانت لحظات مازلت أرتجف من مجرد ذكراها
- بعد 3 يوم تم إعادة الوالد للغرفة وإخراجه من غرفة العناية المكثفة
- بعد العملية وإطمئناني على نجاحها وبعد وصول زوجة الوالد من السودان السيدة الفاضلة ( عفاف ) أبوي قال لي ( خلاص بعد ده سافر أمشي شوف شغلك )
- كنت راجع ( لواشنطن ) بال KLM .. وكان موعد الحضور للمطار 8 مساء
- في ذلك اليوم .. لم أفارق ( سرير الوالد )
- كنت بعصر ليهو في رجلينو لأنه كان يحس بخدر
- مشيت الفندق بسرعة شلت شنطتي ورجعت تاني المستشفى
- ما عارف الزمن مشى كيف بتلك السرعة وأتت ساعة المغادرة
- عمي ( أحمد المدني ) كان موجود وكان بيحاول يلطف الجو بحديثه اللطيف وقصصه الألطف ولكن كان قلبي مقبوض والدموع ما وقفت مني أبداً
- جلس والدي على طرف السرير وسألته بالله إنو ما يقوم
- إنحنيت عليه قبلت رأسه وسألته العفو
- قال : ( يا محمد .. أنا عافي منك ومن أخواتك البنات وراضي عليكم دنيا وآخرة وأنا أتعبتك معاي يا إبني )
- هنا ما قدرت أمسك نفسي بكيت وقالدته وهو جالس وأنا منحني عليه حتى أمسكني عم ( أحمد المدني ) وأبعدني عنه وقالدني هو وقال لي ( العربية واقفة بره ) ( تصل بالسلامة )
- شلت شنطتي وتعمدت أن لا يرى ( ابوي ) وجهي ومدى حالة الضعف التي كنت فيها .. وخرجت
- خرجت تاركاً ورائي ( اعز مخلوق عندي في الدنيا ) ودموعي تملأ وجهي وحالة إنقباض أوجعت قلبي حقيقة
- كانت تلك آخر ثواني لي مع ( عبد الرازق محمد الشيخ ) .. والدي
- بعد وصولي لواشنطن ورجوعي للعمل كنت متواصل معه يومياً
- وبعد 10 يوم من وصولي ( لواشنطن ) .. وفي تمام الساعة 2 ونص صباحاً رن جرس التلفون في الشقة
- وجاءني صوت الدكتور ( زهير مبارك ) مترعاً بالحزن ( محمد .. يا إبني البركة فيكم .. الوالد عبد الرازق في ذمة الله )
- هنا يجب أن أتوقف لأنني لا أستطيع الكتابة أكثر فأنا بالمكتب
- وجاني ( حزن الكون كله .. وإتكوم قدامي )
- هذا كان والدي ( عبد الرازق محمد الشيخ ) الذي عرفته طفلاً وشاباً ورجلاً متزوج وعنده أطفال
- هذا كان والدي ( عبد الرازق ) إنساناً متفرد كريم شجاع يحب أمه وأبوه وأخوانه وأخواته محبة صافية وبقلب نقي ويقدر أصدقائه
- كان شجاعاً حين أخفى ( الشريف حسين الهندي ) في منزله ( بحي الزهور ) بالخرطوم وكل دولة ( نميري ) كانت تفتش عنه .. ولم يصرح بذلك لأحد .. لأن ( الشريف حسين ) كان صديقه وصديق عمي ( عبد الوهاب ) .. قبل أن تكون السياسة هي الجامع
- رحل والدي في ذلك المساء وما زلت أعاني من ( ندم سفري لواشنطن ) يومها
- الحمد لله من قبل ومن بعد
- شقيقاتي الحبيبات ( آمال - نادية - إقبال - رابعة ) أنا آسف ان اثرت شجونكم في هذا الصباح
يا ربي تقبله في الجنان العلا مع امي (خديجه بت حاج يوسف)
و شقيقي الوحيد (سعد عبد الرازق)
محمد عبد الرازق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق