اعلان اسفل القائمة العلوية

اخر الاخبار

11 يوليو 2024

الى طلابي و طالباتي في مقار النزوح و الارتحال القسري عليكم بجهد القادة لا جهد العامة

 


    بدون الوان // حمدي صلاح الدين 

 

 *"الي طلابي و طالباتي في مقار النزوح و الارتحال القسري.. عليكم بجهد "القادة" لا جهد "العامة* " 


احييكم جميعا أينما كنتم و أينما حللتم و اثق يقينا انكم أينما حللتم ستكونون بلسما شافيا لمن حولكم. 


اعلم ذلك و اثق فيه كثقتي في نفسي. 


هل تذكرون ورشة ريادة الأعمال؟ 


اخر ورشة في الجامعة قبل اندلاع الحرب. 


كنتم تمتلئون حماسا و حيوية و حبا للمعرفة، استعرنا وقتها حديث شيق للراحلة ليلى المغربي ذلك في ختام الورشة. 


كنا ندغدغ احلام مستقبل ذهبي مزهر و مخضر، قلنا يومها ان قلعتنا خضراء اللون و الإحساس.. 

عريقة الحضور.. 

نحتفل بدفء شمسها.. نفرح بخيراتها.. الوعد عندنا التزام.. إنجازه قيمة.. نحن في قلعتنا هذه.. مهما طالعتنا الاشياء الجميلة نقول لها من هذي العين لتلك..لان المحبة متأصلة فينا.. حنينون.. 

نؤثر على أنفسنا.. 

صبورون،  لا نشكو الهم.. شعراء، نكتب السطر الأول للوطن.. و السطر الثاني و الثالث و الرابع لعشقنا لجامعتنا.. خزانتنا ملأى بحجم التجارب الكبيرة.. 

احلامنا مضرجة بصلواتنا و نمنماتنا.. 

نفاخر بهويتنا للوطن و نحملها على ظهورنا و ان طال السفر. 


ثم" اندلعت الحرب" لتوقف مد تلك الأماني الخضراء . 


التعويل عليكم كبير فانتم حملة مشاعل النور.. 


قدموا لمجتمعاتكم المحلية عصارة ما تعلمتموه.. 


حذروهم من خطورة الظلم و احكوا لهم عن مصير شيلوك التاجر المرابي الذي أراد أن يقتطع رطل لحم من جسد أنتونيو بكل جشع و بشاعة في روما القديمة .. 


عززوا قيم السلم و السلام و الأمن و الأمان.. 


خففوا آلام الحرب و النزوح عن الناس بخدمتهم في توفير المأكل و المشرب و الملبس و المأوى و العلاج .. 


لا تتأخروا عن تقديم خبزتكم للآخرين او قطعة ملابس قد تطرد زمهرير البرد من جسد طفل ايا كان لونه او قبيلته او جهته فلستم ممن يصنف الناس بألوانهم او اعراقهم و قد جعلهم الله سواسية تمييزهم ب "التقوى" لا ب"اللون و العرق" 


حاربوا العنصرية البغيضة أينما كنتم . 


اجمعوا الناس في الامسيات ليتشاركوا المعارف و التجارب، تداولوا الكتب و ناقشوها وسط مجتمعاتكم المحلية. 


خففوا عن الأطفال آثار الحرب، نظموا كورسات دراسية مجانية للتلاميذ حتى لا يبتعدوا عن جو الدراسة فانتم مؤهلون لذلك.


"إليك يا صديقي "، البكاء ليس مذمة او منقصة و انا اعلم انك اول من سيقرأ مقالي هذا و اعلم انك تعتبرني قدوتك، ها انذا أعلن لك و على الملأ انني بكيت أشد مما بكيت انت، فقد رأيت و سمعت ما يهز الجبال، بكيت في شوارع أديس أبابا و طرقات الباحة و أبها  و ازقة الدمام بكاء و نحيب و بصوت مسموع  فالفجيعة واسعة و متممدة فينا جميعا لكننا لن نستسلم. اقول ذلك علك تتجاوز تلك المحطة


 البكاء ليس عيب بل هو تفريغ لشحنات سالبة يجب استثماره بطريقة جيدة للانتقال إلى مربع ايجابي و عدم الركون الي مربع الماضي. نحن جميعا لسنا بخير يا صديقي لكن يجب علينا التماسك لنعبر و نقود معنا آخرين للعبور.


البكاء ليس مذمة او منقصة فالرسول عليه افضل الصلوات و أتم التسليم كان يبكي و الخلفاء الراشدين من بعده كانوا يبكون، و الفرنسي فيكتور هيجو يقول "العيون التي لا تملأها الدموع احيانا، يملأها الصدأ" و الصدأ المقصود هو قسوة القلب و عدم الاحساس و هو أمر غير محمود لأن المؤمن هين لين سهل. 


 عليكم ان تخرجوا أنفسكم و من حولكم من بؤس العتمة الي رحابة النور. افرغوا شحناتكم السالبة و املأوا أنفسكم إيجابية كما كنتم في الكلاس مشاعل علم و حملة لقيم المعرفة و المحبة و السلام. 


اعلم انكم تشرئبون شوقا إلى الماضي.. 

شوقا إلى الكلاس الذي ابتعدتم عنه ل15 شهرا،  العمل التطوعي، قطع الطريق على المارة للإفطار ، الدافوري الليلي، باحة النشاط، المكتبة، تشتاقون لرفقاء ديسك الدراسة و الآمال العراض وسط  دعوات الآباء و الامهات و الأجداد و الجدات و آمالهم العريضة بمستقبل كبير و زاهر و مشرق، سيتحقق بالعزم َ الاصرار و تجاوز مطبات الحياة. 


نحن جميعا لسنا بخير، لكن يجب علينا الا ننهار.. 


يجب علينا أن نبني جدار التماسك يوميا و نضع عليه "طوبة جديدة" مع إشراق كل صباح جديد رغم استمرار أصوات المدافع و ازيز الطائرات  لنفتح شراع الآمال لمن هم حولنا فهكذا يكون القادة و انتم قادة ، انا اعرف و اثق في ذلك.


عليكم ان تكونوا آخر من يأكل بعد ان  تتأكدوا ان جميع من حولكم أكل و شبع و عليكم ان تكونوا آخر من يشرب بعد ان يشرب الجميع كما عليكم ان تكونوا   آخر من ينام فهكذا يكون فعل القادة لا العكس.



انشروا "الابتسامة" و "المحبة" بين الناس فالحب فعل رباني كما قيل في الحديث القدسي "اذا احب الله عبدا، إلى آخر الحديث" كونوا مبتسمين محبين للناس ناشرين للمحبة و المودة، عندما يراكم الناس تتهلل وجوههم فرحا بقدومكم.. 


اضغطوا على جروحكم و آلامكم و كأن من يراكم يقسم انكم بلا جرح ولا ألم و لا ضرر.. 


اجبروا خواطر من كسرت البندقية خاطرهم فجبر الخواطر واحد من مفاتيح فلاحي الدنيا و الآخرة. 


اعلم محبتكم لبلادكم و لجامعتكم و دراستكم و توقكم إلى التخرج لمساعدة و إعانة اهاليكم لكن كل ذلك محكوم بإرادة الله و ليس ارادتنا. 


بقبولنا و رضاءنا و قناعتنا بإرادة الله سيعوضنا الله خيرا وفيرا و كثيرا إن شاء الله.


انتم امام ظرف استثنائي، عليكم ان تثبتوا لاهاليكم و مجتمعاتكم قوة الشكيمة فيكم و أصالة المعدن و نقاء السريرة و صدق لقب "طالب علم " الذي يزين اعناقكم و يجعل هاماتكم تعانق عنان السماء اعتزازا.. 


ابتعدوا عن النقاشات السياسية التي لن تولد إلا الشقاق داخل مجتمعاتكم المحلية الصغيرة ، ليكن همكم الأول و الأخير هو إنسان المنطقة أمنه، سلامته، مأكله، مشربه ، علاجه و قيادته إلى نور السلم و السلام النفسي و الاجتماعي.


دوركم يتعاظم كل ما اشتد أوار الحرب و ارتفع صوت البنادق و المدافع و ازيز الطائرات و كل ما ازدادت أرقام النزوح في دفاتر و سجلات الحرب  .. 


اعلم ان كثيرين منكم بدأوا فعليا في تشارك ما تعلموه وسط مجتمعاتهم المحلية و انا سعيد بذلك ايما سعادة، اعلم انهم تلذذوا بقيمة العطاء "ان تقدم للاخرين جهدك و وقتك و مالك دون ان يكون في فكرك ان هناك مقابل لهذا" و هذه قيمة كبيرة يفتقدها اخرون دونكم.


إن "قضاء حوائج الناس" افرد لها الدين مساحات كبيرة و مقارنات واسعة و أحاديث كثيرة فهي العوض و البدل الذي جاد به الله على الناس فالحرب فيها اجر و ثواب و دروس و عبر على نقيض افرازاتها من القتل َ و الاذى و النزوح و التشرد و هذا من فضل الله على الناس فليس الأمر كله ضيق و شر.


انا افتخر ان عدد منكم مضى سنوات ضوئية في قضاء حوائج الناس و هذا مصدر فخر و اعتزاز كبيرين لي فأنا اعرف معادنكم و اعرف محبتكم للسودان و محبتكم العلم و المعرفة. 


اتذكر المكالمة الجماعية التي نظمتموها، أكتوبر 2023، و التي استمرت ساعات و التي تمكن من اللحاق بها عدد منكم ممن توفرت له شبكة يومذاك  بعد مرور ستة أشهر على الحرب، كنتم تودون الحديث المطول و تريدون من يسمع صوتكم و امالكم و آلامكم و كان السؤال الابرز لكم "الحرب دي ح تقيف متين ؟" ، ناقشنا وقتها ما يرد في الإعلام عن  "توازن القوي بين المتحاربين / نسبة الأمية العالية / نسبة الوعي المنخفض / القبلية و العنصرية التي تستخدم كروافع و حواضن لزيادة اوار الحرب" و خلصنا إلى أن أمد الحرب سيطول وفق المعطيات على الأرض و اتفقنا على تأمين الأنفس و الأرواح اولا ثم البحث عن مسارات دراسة جديدة. 


ختاماً اقول لكم... 


لا تستهينوا بخبراتكم و ما تعلمتموه في الجامعة. 


تعلمتم أساسيات البحث و تدربتم على كيفية إدارة حلقات النقاش، هذان محوران مهمان، ابحثوا في قوقل و يوتيوب عن كيفية العيش في مناطق النزاعات، كيفية العيش في مناطق إطلاق النار، ابحثوا في الانترنت عن الأسلحة التي تستخدم في حرب السودان مداها، ضررها، كيفية تفاديها ، ابحثوا عن المنح و المنظمات و افتحوا خارطة السودان الطبيعية و ظللوا الأماكن الآمنة، الطرق الآمنة ، مناطق النزاع ، مناطق الامطار و السيول، منافذ الخروج و منافذ الانتقال من مدينة لأخرى و دونوا على الأوراق و الدفاتر ثم نظموا حلقات نقاش للناس من حولكم حول أهمية الأوراق الثبوتية، ضرورة شحن الهاتف و آليات الاحتفاظ بطاقة الهاتف، اقتصاد المياه و طريقة تعقيم المياه و تنقيتها، تنقية الوجبات و المحافظة عليها بطريقة صحية و ماهي الوجبات الصالحة لفترات طويلة، اصحاح البيئة، السلام النفسي و الاجتماعي، أماكن الخطر ، بروتوكولات تفادي مناطق الخطر و طرق التقديم  للمنح و المساعدات فانتم مؤهلون لذلك كامل التأهيل. 


لاذكركم أكثر، هل تذكرون حلقات النقاش التي ادرتموها داخل الكلاس بعد اصدار صحيفتكم الإنجليزية الأولى ؟ و كيف وزعنا الكلاس الي مجموعات التصميم، المراجعة اللغوية، التصوير و حلقات أخرى؟ هو ذات الفعل، عليكم تملك المعلومة بطريقة علمية ثم جمع الناس و توعيتهم. 



ساكتب لكم باستمرار تشجيعا لكم لفعل كل ما هو جميل، لن اكل او امل، ساظل محفزا لكم لبذل جهد "القادة" لا جهد "العامة" و هذا أملي فيكم و اعلم انه لن يخيب.




#اتحاد_مغردي_السودان 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox