أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي؟
في عام 1973 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار الإحتفال ب #اليوم_العالمي_للغة_العربية وجعلها لغة رسمية سادسة في المنظمة
ونحن بهذه المناسبة نهديكم واحدة من نوادرها
{قصة الأصمعي والإعرابي} 🔽
قال الأصمعي: دعاني بعض العرب الكرام إلى قرى الطعام، فخرجت معه إلى البرية، فأتوا بباطنة بأذنين _ أي إناء أو جرة لها أذنين ،وعليها السمن غارق، فجلسنا للأكل، وإذا بأعرابي ينسف الأرض نسفاً حتى جلس من غير نداء، فجعل يأكل والسمن يسيل على كراعه فقلت: لأضحكن الحاضرين عليه فقلت:
كأنك أثلةٌ في أرض هش ... أتاه وابلٌ من بعد رش
فالتفت إلي بعين مبحلقة وقال لي: الكلام أنثى والجواب ذكر وأنت:
كأنك بعرة في إست كبشٍ ... مدلاةٌ، وذاك الكبش يمشي
فقلت له: هل تعرف شيئاً من الشعر أو ترويه؟ فقال: كيف لا أقول الشعر، وأنا أمه وأبوه؟ فقلت له: إن عندي قافية تحتاج إلى غطاء؟ فقال: هات من عندك.
فغطست في بحور الأشعار، فما وجدت قافية أصعب من الواو المجزومة فقلت:
قومٌ بنجدٍ قد عهدناهم ... سقاهم الله من النوّ
قلت: أتدري النو ماذا؟ فقال:
نو تلالا في دجى ليلةٍ ... حالكةٍ مظلمةٍ لو
فقلت له: لو ماذا؟ فقال:
لو سار فيها فارس لانثنى ... على بساط الأرض منطو
فقلت له: منطو ماذا؟ فقال:
منطوي الكشح هضيم الحشا ... كالباز ينقضُّ من الجو
فقلت له: الجوُّ ماذا؟ فقال:
جو السماء والريح تعلو به....إشتم ريح الأرض فاعلو
فاعلوا لما قد عيل من صبره ... فصار نجوى القوم ينعوْ
فقلت: ينعو ماذا؟ فقال:
ينعو رجالاً للقنا شرعت ... كفيتُ ما لاقوا وما يلقُوا
قال: فعلمت أنه لا شيء بعد الفناء، ولكن أردت أن أثقل عليه فقلت له: ويلقوا ماذا؟ فقال:
إن كنت ما تفهم ما قلته ... فأنت عندي رجل بو
فقلت له: البو ماذا؟ فقال:
البوُّ سلخٌ قد حشي جلده ... يا ألف قرنين ، تقوم عني أو
فقلت له: أو ماذا؟ فقال:
أو أضرب الرأس بصوَّانةٍ ... تقول في ضربتها فوّ
فخفت أن أقول له: فو ماذا؟ فيضربني ويكمل البيت. فقلت له: أنت ضيفي الليلة.
فقال: لا يأبى الكرام إلا لئيم.
فقلت لزوجتي: اصنعي لنا دجاجة، ففعلت فأتيته بها وجئته أنا وزوجتي وابناي وابنتاي وقلت له: فرق يا بدوي.
فقال: الرأس للرأس، وأعطاني الرأس، وقال: الولدان جناحان، لهما الجناحان، والبنتان لهما الرجلان، والمرأة لها العجز، وأنا زائر لي الزور، وأكل الدجاجة ونحن ننظر إليه وبنا نتحدث.
فلما أصبحنا قلت لزوجتي: اصنع لنا خمس دجاجات ففعلت وأتيته بالدجاج وقلت له: أقسم يا بدوي.
فقال: تريد شفعاً أو وتراً.
فقلت: إن الله وترٌ يحب الوتر.
فقال: كأنك تريد بالفرد.
فقلت: نعم.
فقال: أنت وزوجتك ودجاجةٌ، وابناك ودجاجةٌ، وابنتاك ودجاجةٌ وأنا دجاجتان.
فقلت: لا أرضى بهذه القسمة.
فقال: كأنك تريد شفعاً.
فقلت: نعم.
فقال: أنت وولداك ودجاجة، وزوجتك وبنتاها ودجاجة، وأنا وثلاث دجاجات، والله لا أحول عن هذه القسمة.
قال الأصمعي: فغلبني مرتين مرة في الشعر ومرة في الدجاج ثم انصرف (:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق