عمود اليوم على صحيفة الديمقراطي
( أبناء نوح)!
✍🏾 مصطفى أحمد سعيد
إلى بني جيلي.. اسمحوا لي مناداتكم بأبناء نوح .. أبناء نوح البارّين ، و لكم المجد و أنتم تقفون في وجه المستحيل لتُصيِّرونه ممكناً .
نحن أبناء الجيل الذين وُلدنا نصف ميلاد ، ميلاداً عسير اً .. تبددت حيواتنا بين بطش الزمان و بؤس المكان فتربّصت بنا عقارب الساعات و سرقت أعمارنا .
نحن أبناء الجيل الذي تزدحم ذاكرته الجمعية بشتّى أنواع التشوُّهات الموروثة و التناقضات المختلفة مما دعّم لدينا إحساس التناقض و التضاد و خلق في ذواتنا أنصاف أشياء ، إلا إيماننا بأنفسنا ظل على الدوام كاملاً غير منقوص !
و بالرُّغم من ذلك كنا و لازلنا نُصر على أن نكون (أبناء نوح)!
عندما جاء الطوفان قرر ابن نوح أن يبقى بموطنه و يأوي إلى جبلٍ يعصمه من الغرق المحتوم ، و قد صوّر الشاعر أمل دنقل هذا الموقف من زاوية التمسك بالأرض و المبادئ لا من زاوية العقوق في قصيدته الموسومة ب(مقابلة خاصة مع ابن نوح)
هذا هو القاسم المشترك بيننا و ما بين ابن نوح و لكنّا تفوقنا عليه يكمن في أننا لازلنا صامدين في وجه الطوفان ، الطوفان الذي يتشكّل لنا يومياً بكافة الأشكال ، فقد تبدّى في زمان مضى على هيئة نظامٍ باطش كان يسعى ليُصادر حقنا في الحياة و سعى لتشويه ملامحنا الطينية البريئة سهلة التشكيل عبر اغتيال انسانيتها، و لكن ما قتلها و ما صلبها بل شُبه له ذلك !
و بعدما بلعت الأرض ماء طوفانها و أَقْلعت السماء و انقشعت الغيمة السوداء و اسْتوينا جودي أحلامنا لمحنا الطوفان من على البعد يتكون مجددا في شكل مصائب عِده .. و كأننا مُصابون بلعنة اللانهايات، و تحزمّنا للمواجهة مجدداً .
حتّى النيل الذي كنا نبُث إليه حزننا و نشتكي له من جور الزمان بكى علينا حتى فاض و أغرقتنا دموعه !
و لكن إيماننا بضروره التمسك و المقاومة أقوى من بطش أي طوفان ..
و أخيراً ..
طوبى لأبناء نوح البارّين المتمردين المقاومين المتمسكين المنتصرين القادرين على الوقوف بجُرأة و ثبات في وجه أي طوفان و ستُقلع السماء و نستوي على جودي أحلامنا مرات و مرات إلى أن نكون ما نُريد !.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق