اعلان اسفل القائمة العلوية

اخر الاخبار

22 نوفمبر 2023

موسى،فرعون،تشينوا اتشيبي، العسكر والعدل العرفي

 

بدون الوان // حمدي صلاح الدين


"موسى، فرعون، تشينوا اتشيبي، العسكر و العدل العرفي" 


• مدخل أول : (نثر الكنانة)

  

تعلمنا وفي دروب الحق  والخير و الجمال أن ننثر كنانتنا و نختار "أصلبها" عوداً و "أمضاها" عزماً  و"أقواها" شكيمةً و نلقي به في دهاليز و  ازقة  وحواري الحياة متلاطمة  الأمواج فلا لانت لنا  "عزيمة" و لا انكسر لنا "قلم" و لا أنحنت لنا "هامة" ولا سقطت لنا "راية" نمضي في دربنا غير ابهين بما يزرع حولنا من أشواك صباح مساء. 


 ورغم وعورة طريق الخير و الحق و الكلمة نظل نكتوي بالأشواك صباح مساء لكننا لم و لن نتوقف، نتشارك مع الناس في إعلاء قيم الكلمة و الحق و الخير  والجمال في سفر الحياة  وعند قاع و سطح المدينة، المدينة التي ننشد.


نتنكب سيوف زادنا في المسير، إرث سوداني صرف و تاريخ طويل مديد و معين تجارب قيمية لا ينضب و لا يأتيه الباطل من بين يديه، عركتنا الحياة لدرجة جعلتنا نفرق بدرجة امتياز بين الحق و الباطل، الجد و الهزل، الوفي و الخائن بذات الإرث السوداني الصرف. 


• مدخل ثاني: (الأشياء تتداعى)


و (تداعي الأشياء)  كما خطه يراع الاديب النيجيري تشينوا اتشيبي في روايته 

 Things fall apart


 يظل حاضراً يتنقل هنا  وهناك لخلط الأوراق، كما اوكونوكو بطل الرواية،   ومن ثم محاولة بعثرت حيثيات الرواية

 في فعل ميسري صرف أو قل أشبه بالميسري. 


أو كما (الأقداح) التي كان يختار أمياً لسحب قراطيسها السبعة في (الجاهلية الأولي) لتصبح (صناعة القدر) وقتها علي يد إختيار (الجاهل) لا بعزيمة الرجال وقتذاك وسلم وقتها من سلم  وإنعتق من براثنها من إنعتق وظلت هي مضارب أمثال محورة إلي الخير بعد شر فكانت عبارة  "القدح المعلي" بكسر القاف حاضرة كمقولة لم تعبث بها عوامل "التعرية اللغوية" فحفظت عن عمر ناهز الالفي عام أو يزيد وظلت حاضرة مضربا للمثل رغم إيغالها في الجاهلية. 


• مدخل ثالث : الراندوك


  و لعل التعرية اللغوية أخذت مأخذها من (الإستلاف) والذي أكد علماء اللغويات وجوده بين اللغات وهم أكثر من يلم بهذا الجانب  ف"الإستلاف"  موجود بين الإنجليزية والفرنسية و اللاتينية والعربية  بصورة كبيرة جداً.


 ويقول شريف  العلمي في برنامجه الشهير "كيف و أخواتها" و الذي حوله إلى سلسلة "سين و جيم" أن أبرز مظاهر الإستلاف اللغوي هو (إستلاف مسلح بالقوة) حيث سطا الانجليز علي كلمة love الفرنسية والتي كانت تعني (بيض) من الفرنسيين وحولوا معناها إلي (حب) لتعيش حباً إلي يومنا هذا.


ولعل شريحة الشباب

أخذت جانبا أيضا من هذا الفعل الذي يمكن أن نسميه إستلافا  مثل (مدبرس ومركلس ومترمتل) وكلها مشتقة من كلمات انجليزية تم تعريبها والدفع بها إلي شوارع الراندوك.


• مدخل رابع : (المدينة الفاضلة)

 

و المدينة التي تنشد  وتبتغي وترتجي نهايات الفرح عليها أن

 (تكرب نصها)  

حتى لا تفجع ذات صباح خريفي أو صيفي أو شتوي بحاكم جاهل يعمل سيف جهله فيها وسط صمت سلطة المجتمع فالثورة تغيير إجتماعي قبل أن تكون تغييرا سياسيا. 


فنشدان الفرح في المدينة غاية صعبة المنال إن لم  يسندها إرث أخلاقي معرفي إجتماعي صرف وعدالة  وسلطة مجتمع قوية  ومجتمع متماسك في ذاته يشهر سيفه بالحق قبل لسانه. فالحق ابلج  والباطل لجلج. 


 ليس كل من يمسك "الورق" يجيد لعبه

وليس كل من يبث الكراهية و يزرع الفتن فائز بل مكشوف للمجتمع  وهو يتمرغ في وحل علل "الدونية البغيضة" لا يفتأ يحاول "هز الشجرة" التي يراها الناس "خيرا لهم" و يراها هو "عقبة كؤود" يجب إزاحتها بفتل أحبال الكذب إفتراء و بهتانا"  وحقدا" دفينا".


و ليس كل من يختار" قدحاً" هو الأعلي كعبا  وليست "المكائد الرخيصة" مهابط لطائرات أحلام الفشل الٱجتماعي لتحيله إلى نجاح متاح  ومباح.


 فالنجاح يحتاج مقومات أولاها الصدق مع النفس والخلق النبيل والتصالح مع النفس. 


• مدخل خامس :

 الأعراف


و لعل الدين و الأخلاق  والأعراف خطوط حمراء متوازية لا تتقاطع ولم يخطها يراع قانون بقدر ما فرضها "المجتمع" على نفسه عبر بوابات التواتر  والتعلم و التقليد و الحث و التحريض فهي بمثابة إرثه الثقافي والفكري  والديني فعدم دخول العسكر حرم الجامعات لم يكن مقيد في 

(كودات أهل القانون) حتي وقت قريب بل هو (عرف)

 طغي علي

 (القانون)

 فتنمر  عليه واستأسد  فخاف العسكر من "سلطة المجتمع" و مالوا ناحية "العرف" مقابل "إعمال القانون بالبندقية" داخل حرم الجامعات رغم أن السلاح بيدهم. 


• مدخل سادس :

 سياط سلطة المجتمع 


خاف العسكر من سياط سلطة  المجتمع أن تجلدهم بالتوبيخ في الأفراح و الأتراح وأن تجلدهم بسياطها أن إقتحموا حرمات الجامعات ففرضت سلطة المجتمع نفسها رقيبا على أي سلوك شاذ لتحق الحق وتقيم العدل العرفي و تزيل تراكم الغبن في النفوس. 


• مدخل سابع :

 العدل العرفي


" العدل العرفي" يعلو على القانون في المجتمعات الشرقية. 


خاف العسكر من "إعمال البندقية" في "حرم الجامعات" لأن سلطة المجتمع ستجلدهم في بيوت الأعراس وسرادق العزاءات و بروش رمضان و قد يمتد الجلد إلى أن تمد سلطة المجتمع رقعة رفضها بأن تستصدر قرار مقاطعتهم اجتماعيا داخل إزقة و حواري المدينة وأن للمجتمع لسلطة أن صح منه العزم. 


 الأخلاقالألاعراف والتقاليد اقوى من القوانين لأنها تستمد قوتها من مد المجتمع الذي يصيغها  ويرعاها و يتابعها ولا يتسامح مع من يخرقها.


المجتمع هو شهود الناس لله في الأرض. ليس الهمس الخبيث شاهدا. المجتمع الذي لن يجمع على الخطأ و لن يجمع على سوء. 


• مدخل ثامن   : 

(فساد فرعون) 


"إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة" جاءت مزلزلة وقتها لتضرب مرجفي المدينة و مروجي الشائعات و ناصبي كمائن المكائد داخلها  وهرون وقتها يشد من ازر أخيه موسى بأمر  من الله، الله الذي أعلن لموسى و هارون إلا يخافا  لانه يسمع و يرى ما سيدور لبحفزهما لقمع جبروت فرعون بالحجة ذلك في محفل

 (السحرة و الأفاعي). 


 أكابر مجرمي المدن


و تداول القرآن قصص فساد المدن و أكابر مجرمي القرى و مشهد فرعون يذبح الرجال  ويستحيي النساء ويتبجح في الأرض أن "انا ربكم الأعلى" و يسخر من الله في حضرة نبييه موسى  وهارون حين قال   "فَأَوْقِدْ لِى يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّى صَرْحًا لَّعَلِّىٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّى لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ". 


حمل موسى عصاه و يده، اما عصاه فكانت المعجزة و اما يده فعادت بيضاء من غير سوء بعد أن أمره الله تعالى  أن" أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء " ذلك بعد أن حلت عقدة لسانه و أرفق بهارون يشد من عضده. 


و ذهب المفسرون إلى أن خروج يد موسى بيضاء من غير سوء ان زال عنها البرص وأن حلحلة عقدة اللسان كانت لدغة في لسان موسى في حرف الراء إزيلت بأمر من الله  وذهب آخرون إلى أن موسى كان في لسانه ثقل لا يكاد يفهم عنه الكلام فازيل الثقل و أرفق بهارون إدادا له لمقابلة جبروت فرعون. 


فذهبا إلى فرعون خائفين تسبقهما سمعة التكبر  والعناد و السوء و فحش اللسان و بذاءته التي لفت فرعون وقتها، إنها سمات الطغاة المتجبرين المستكبرين إلى يومنا هذا فأصبح  كل طاغية فاجر مستكبر "فرعونا" كاسم جنس. و "اسم الجنس" في اللغة مثل "فرعون" يطلق على كل من حكم مصر وقتها كما "النجاشي" اسم جنس يطلق على حكام الاحباش و "قيصر" على حكام الروم و "كسرى" علي حكام الفرس الا ان سمعة "فرعون" في الاستكبار و التكبر و الجبروت علت عليهم أجمعين وقتها. 


ذهب موسى و هارون إلى فرعون بعصا و يد بيضاء و لسان فصيح. 


 فجاءهما نصران الله عبر الأمر الرباني أن "الق عصاك" فهزما فرعون وسط اهله و جنده و سحرته. 


و هذا تبيان الله للناس في الأرض ان الظلم "ساعة" و السوء "حين" و الحق ظاهر فرب العباد ينتقم للمظلوم في حياة الظالم خزيا" و نكالا يظهر في الوجوه سوادا و كلاحا و بؤسا او هكذا تحدث الشيخ الشعراوي في جلسة في خواتيم حياته و هو يجلس القرفصاء يعتمر قبعة و فوق عينيه نظارة سوداء ظهرت للتدليل على بحث مضني و قراءة مستديمة و علم لدني. 


• مدخل تاسع :

 محفل السحرة و الافاعي

 

و لما عجز فرعون عن رد الحق لجأ إلى ما لجأ إليه العاجزون المتكبرون الجبابرة من الإرهاب فتوعد موسى بالاعتقال  والسجن وخاب فقال لموسى : "لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ". 


يقول المفسرون أن فرعون لم يقل لموسى لأسجننك بل قال "لاجعلنك من المسجونين" حتى يزيد من  إرهاب موسى، وإن يظهر لموسى قوته و نفوذه و سلطانه الذي مكنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حد تهديده وإرهابه. 


طلب  موسى من السحرة ان يلقوا  عصيهم وحبالهم أولاً، وقد كانوا جميعهم من السّحرة البارعين. 


وما كان إختيار موسى لهم بأن يبدؤوا أولاً إلّا استهانةً بفعلهم، فقال السّحرة: (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ). وألقوا حبالهم وعصيّهم، فامتلأ المكان بالحبال التي تتحرك كالأفاعي والثّعابين.


 فوقع الخوف في قلب موسى من أن يصدّق النّاس ما رأوه، فجاءه الوحي الإلهيّ وطمأنه الله بأنّه الغالب عليهم، وأمره الله تعالى أن "الق عصاك". 

فألقاها فإذا هي تتحول أفعى و تلقف و تأكل و تبتلع كل ما ألقاه السحرة مجتمعين. 


 وقد ذكرت كتب التّفسير أنّ عددهم كان ستين ألف ساحر.






#اتحاد_مغردي_السودان 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox