اعلان اسفل القائمة العلوية

اخر الاخبار

06 مارس 2024

رمضان يقترب

   


بدون الوان // حمدي صلاح الدين 


 *رمضان يقترب* 


و "رمضان يقترب" التحية لرفاق الدموع و الارتحال القسري، احبكم جميعا. 


و "رمضان يقترب" إلى الاب و العم و الخال و الجار، كنت تمثل سلطة المجتمع في الحي و لديك من المعارف و الحكمة و الخبرات التراكمية ما يجعلك تدير شؤون أكثر المجتمعات تعقيدا، لا تجعل الحرب تجعلك منكفئا على ذاتك. ارفع رأسك هيبة و جبرة و قدم خبرتك للناس في مكان نزوحك قدم لهم حكمتك و خبرتك و تجربتك.


و "رمضان يقترب " إلى الامهات و الأخوات و البنات و الزوجات في كل ربوع بلادي، انتن روح رمضان بطقوسه و تجلياته و تحملكن فوق طاقتكن لاسعاد اهل البيت و الضيوف. انتن من يقدن دفة الدفع المعنوي للآباء و الأمهات و الأبناء و البنات و الاخوان و الأخوات. انفضن غبار آثار الحرب و قدمن دروس الدفع المعنوي لمن حولكن لنتمكن معا من مواصلة المسير.


و "رمضان يقترب" احيي طلابي و طالباتي الذين انتشروا في كل البقاع بالداخل و الخارج بسبب الحرب ، التعويل عليكم كبير فانتم حملة مشاعل النور، قدموا لمجتمعاتكم المحلية عصارة ما تعلمتموه، حذروهم من خطورة الظلم، احكوا لهم عن مصير شيلوك التاجر المرابي الذي أراد أن يقتطع رطل لحم من جسد أنتونيو لولا تدخل باتريشيا، عززوا قيم السلم و السلام و الأمن و الأمان، خففوا آلام الحرب و النزوح عن الناس بخدمتهم في توفير المأكل و المشرب و الملبس و المأوى، لا تتوانوا في تقديم خبزتكم للآخر او قطعة ملابس قد تطرد زمهرير البرد من جسد طفل ايا كان لونه او قبيلته او جهته، حاربوا العنصرية البغيضة، اجمعوا الناس في الامسيات ليتشاركوا المعارف و التجارب، تداولوا الكتب و ناقشوها وسط مجتمعاتكم المحلية، خففوا عن الأطفال آثار الحرب، نظموا كورسات دراسية مجانية للتلاميذ حتى لا يخرجوا من جو الدراسة فانتم مؤهلون لذلك.


"إليك انت"، البكاء ليس مذمة او منقصة و انا اعلم انك اول من سيقرأ مقالي هذا و اعلم انك تعتبرني قدوتك، ها انذا أعلن لك و على الملأ انني بكيت أشد مما بكيت انت، فقد رأيت و سمعت ما يهز الجبال، بكيت في شوارع أديس أبابا و طرقات الباحة و ازقة الدمام بكاء و نحيب و بصوت مسموع فالفجيعة واسعة و متممدة لنا جميعا لكننا لن نستسلم. اقول ذلك علك تتجاوز تلك المحطة. البكاء ليس عيب بل هو تفريغ لشحنات سالبة يجب استثماره بطريقة جيدة للانتقال إلى مربع ايجابي و عدم الركون الي مربع الماضي. نحن جميعا لسنا بخير يا صديقي لكن يجب علينا التماسك لنعبر و نقود معنا آخرين للعبور. فالطلاب مشاعل النور الذين يحفهم الرحمن بعنايته و حفظه. عليكم ان تخرجوا أنفسكم و من حولكم من بؤس العتمة الي رحابة النور. افرغوا شحناتكم السالبة و املأوا أنفسكم إيجابية كما كنتم في الكلاس مشاعل علم و حملة لقيم المعرفة و المحبة و السلام. 


اعلم انكم تشرأبون نظرا إلى الماضي، شوقا إلى الكلاس، برش رمضان، لطقوس رمضان، العمل التطوعي، كيس الصائم، قطع الطريق على المارة للإفطار في البرش، السحور، الدافوري الليلي، التراويح، التحضير للعيد، التحضير لإفطار العيد في البرش تحفكم دعوات الآباء و الامهات و الأجداد و الجدات و آمالهم العريضة بمستقبل كبير و زاهر و مشرق، سيتحقق بالعزم َ الاصرار و تجاوز مطبات الحياة. 


و "رمضان يقترب" تحية محبة و مودة و تقدير لشباب و شابات غرف الطوارئ و لجان المقاومة و مجموعات العمل التطوعي الذين عملوا تحت وابل الرصاص و الهاونات والقذائف و قاموا بقيادة سيارات الإسعاف وسط تبادل القذائف لإنقاذ حياة الناس .


كل مواساتي لكم في كل شهداء الثورة ليس بدءا بمجزرة فض الإعتصام و ليس انتهاء بدماءكم المسفوحة في الحرب. 


"و رمضان يقترب" تحية تجلة و احترام للجنود المجهولين الذين يعملون في التكايا لاطعام الناس. 


و "رمضان يقترب" ، عبق الحي و المكان هو روح الإنسان لا المكان، أينما كانت روحك تستطيع أن تستدعي قواك لتطغي على رمزية المكان و تصنع واقعا جديدا . نحن من نصنع الحياة و نحن من نصنع للامكنة عبق و ألق و جمال لا العكس .


"رمضان يقترب" البيت يمتليء بروحك و روح ضحكتك و روح زيارات اهلك و اصحابك و استقبالك لهم و محبتك لهم و محبتهم لك، لا تجعل الظرف الآني يحرم الآخرين من هذه الروح و هذه المحبة فهناك من يستحق أن ننسى آلامنا من اجلهم.


"رمضان يقترب" ، كنت شيال تقيلة الحي في رمضان، تعتمد عليك الأسرتين الكبيرة و الصغيرة و الجيران . واصل نشر المحبة و خدمة الناس حيثما كنت فهناك دائما محتاج و هناك دائما منتظر. 


"رمضان يقترب"، ضحكتك التي كانت تملأ صوالين الحي و تملأ برش رمضان، يفتقدها الرمز المكاني لكن الميقات الزماني قادم فاستعد لخدمة الناس لا تجعل الحرب تنزع بركتها. كن كذلك أينما حللت .


"رمضان يقترب" و من الشوق ما قتل.


"رمضان يقترب " و موساتي القلبية الصادقة ارسلها لاهل الفجيعة و صدق المقاصد و نبل الاماني مكلومي الدم المسفوح حراما في حرب الخرطوم و في مجزرة فض الإعتصام و ما بعد إنقلاب ٢٥ أكتوبر و كل تمنياتي بالشفاء لأسر مبتوري الأيدي و مبتوري الارجل و مقتلعي الأعين و الذين اصيبوا بالشلل الكامل و الذين اصيبوا بالشلل النصفي و الذين اصيبوا بالشلل الطرفي جراء احتجاجاتهم السلمية و جراء حرب الخرطوم .


"رمضان يقترب " و امنيات العودة الآمنة للجميع الي الديار، نسأل الله أن يعيد الطمأنينة المنزوعة و الأمن المفقود والسلم المسلوب

و يجمع بين الناس من جديد. 


"رمضان يقترب " و الامنيات لأهلي و أصدقائي و جيراني و لكل السودان أينما حط بنا و بهم و بكم رحال الحرب و النزوح و التشرد. اعلم ان هناك قطعة من أسى داخل جوف كثيرين من فقد عزيز و من فقد ماله و من فقد دياره و من يتحرك بلا هدى ولا امل فهم جميعا عبادك يا الله نسألك التخفيف عنهم و مجازاتهم خيرا وفيرا بعد صبرهم على الفقد و الألم و النزوح و المشقة و المعاناة. 


"رمضان يقترب " و الناس بين فقد و نزوح و تعب و مشقة و ألم . 


"رمضان يقترب " و أكثر ما يؤلم خلال جولة الستين يوما التي زرت خلالها تجمعات النازحين في الشريط الشرقي انني في احايين كثيرة لم أستطع النظر الى عيني محدثي مرتين مخافة ان ينهار جدار التماسك الذي كان يلف المكان. كانت النظرات نحو مستقبل مجهول و الهالات السوداء تحيط العيون من الإرهاق و عدم النوم و قلة الحيلة.


"رمضان يقترب " و ‎الجمعة الأخيرة قبل رمضان ستغلق باب لتفتح اخر على عام كامل من حرب الخرطوم .    


 "رمضان يقترب" و زخم الشوارع بالامس القريب كان ملفتا للانظار في الخرطوم وكأنها ادركت متأخرة، الخرطوم ، الحرب التي كانت تدق بقوة على أبوابها . 


 هي كذلك الشوارع تنام و تصحو علي (جعجعة الساسة) و (طحين السوشيال ميديا) و تقف طبقتها العاملة التي تمثل اغلبية لتحكي عن حكاويها في مجالس ما بعد التراويح رياضة و ثقافة و فن و أصوات شيخ ايمن و تيجاني و شيخ عبد الرحيم و شيخ معز و شيخ عبد المقصود تملأ فضاءات شمبات تلاوة عذبة في صلاة التراويح بمقامات مصر تارة و بصوت نورين و الزين تارة أخرى. 


"رمضان يقترب " و الشعب السوداني لا يزال ينثر شذي عطره علي العرب و الفرنجة شهامة وعطاء وجود بلا حدود رغم جور الحرب . شعب معلم يعلم الناس الحق و الخير و العدل و الجمال.


"رمضان يقترب " والوطن لازال يحتفي بعلاقتيه "الحالية"و "المحلية" كما صنفها اهل البلاغة، و الاماراتي مانع سعيد العتيبة يتجلي في الاولي عبر رائعته (الحب الذي مات) و ازهري محمد علي يتغلغل في الثانية بان:


 شافت ثعالب بي لحى... 

وبعض المقالب من جحا... 

والرشحوك هم شرحوك... 

اكتب كتابك وانسحب.... 


"رمضان يقترب " و تداعيات الحرب استوطنت اكباد الرجال. 


" رمضان يقترب " ولا زلت استمتع و اسخر من رائعة والتر هيل (لاست مان ستاتدينغ) التي اداها بحرفية و ابهار النجم الاعسر بروس ويلس و اقارن فيها بين كرتي و حميدتي و البرهان. 


"رمضان يقترب " و الشح يطحن بيوتات الغلابه الغبش التعابا.   


"رمضان يقترب " تسوقه الاقدار فالاقدار (تدع لنا الفرصة في ان نسير لكن الي حيث تريد هي) هذه العبارة زرعت جدلية التسيير و التخيير بين أئمة الصفين الثاني و الثالث و "أدجار الان بو " ساحر نساء فرنسا مثل نيكولاس كيدج يمزج الدين بالواقع بالتجربة الحياتية الشخصية.  


"رمضان يقترب " و كلي محبة للورق و الورّاقين..


عشت أبو الزمل..

بالحال العليك..

بالفال.. 

بالأمل..


أو هكذا سردها حميد..

ليغنيها مصطفى..

والخرطوم وقتها..

ترزح تحت سياط جلادي الإنقاذ..

بلا هوادة..

يعملون سياطهم في ظهورنا..


الورق..

والورّاقين..

الكتابة..

والأقلام..

بحث..

تقصٍّ..

سك الخبر..

تتبع مسارات الخبر..

السبق الصحفي..

هي مُتعة..

أن تحب مهنة تمتهنها..

تجري في دمك..

تأخذ وقتك..

وتقتطع منه..

للمسامرة..

والمؤانسة..

في جوٍّ نقي..

“تتونس وتشتغل”..

دونما كلل..

أو ملل..

وسط مساحات محبة..

ومودة..

وعيون تشتاق..

وقلوب تحب..


الورق..

الورّاقين..

الجا من الجريف..

الجا من الجبل..

نقنق هاظرهم..

غاظوه ونعل..

وعم عبد الرحيم..

ما بعرف زعل..

يزعل من منو..

يزعل في شنو..

كل الناس هنا..

كل الناس صحاب..

كل الناس أهل..


"رمضان يقترب" و كل عام و انتم بخير.




#اتحاد_مغردي_السودان 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox