اعلان اسفل القائمة العلوية

اخر الاخبار

29 أكتوبر 2022

التسوية الدموية

 

مع اقتراب أفق الوصول الى اتفاق سياسي أو أي صورة من صور انهاء الإنقلاب , دائماً ما تسبق تلك الخطوات أحداث دامية يئن لها جبين الوطن وتطحن رحاها قلوب المواطنين الأبرياء , فقبيل توقيع الشراكة المخزية السابقة بين المدنيين والعسكر , قام العسكر بفعل مجزرة هي الأسوا والأكبر في تاريخ السودان الحديث " أحداث القيادة العامة " واستباحت مليشيا البرهان والجنجويد وقتها العاصمة الخرطوم لثلاث ليالٍ لم ولن ينساها أحد منا طوال حياته , بعدها ومع الضغط الداخلي وتواصل المليونيات الضخمة استسلم العسكر وعقدوا مع ثلة من بلهاء الساسة اتفاقاً مسموماً بانت نتائجه العام الماضي بانقلابهم على الحكم المدني وإرجاع البلاد الى نقطة الصفر مجدداً بتاريخ 25 اكتوبر الماضي , وهاهي الأيام تعيد الكرّة عليهم مجدداً بعدما عجزوا عن توفير أبسط مقومات الحياة في البلاد وعاد المتسول الانقلابي " جبريل ابراهيم" بخفي حُنين من أمريكا بعدما تأكد أن لا دعم أو معونة للسودان في ظل تواجدهم والأوضاع الحالية التي نمر بها .
مخرجات تلك الزيارة وتراكم الأسباب الأخرى جعلت رؤوس الانقلابيين من أرادلة ومنّاويين ومن فوقهم البرهان يعلمون جيداً أن لاحل سوى إرجاع السلطة للمدنيين وأن المدنيين استوعبوا جيداً أن الشراكة مع العسكر تعني توالي الانقلابات واستمرار القتل والخطف والسلب والنهب وكافة مظاهر الدولة الهاوية , ومع ذلك استعملوا كرتهم الأخير بإراقة الدماء في جزء عزيز على كل سوداني " ولاية النيل الأزرق " وما يحدث فيها من اقتتال قبَلي أدى حتى اللحظة إلى سقوط عشرات الضحايا ونزوح آلاف الأسر من بويتهم هرباً من جحيم الموت , ومن يحركهم ويمولهم بالسلاح يقف متفرجاً على ما يجري لهم , دون أن تحرك الدولة ساكناً أو تبسط هيبتها ولو " صورياً " , وانشغل الناس عن " الموت المجاني " الذي يوزع للأهالي هناك بتسوية هي أقرب لحبل النجاة لرؤوس الأفاعي الأجرامية " البرهان وحميدتي " حتى اذا تمت الصفقة وعادت المركب لمسارها أمِنوا من العقاب والملاحقة القانونية وظلوا في مواقعهم , هي مساومة بين تسليم السلطة والخروج الآمن لهم وبين استمرار القتل وإعطاب الدولة أمنياً واقتصادياً لإرغام الكل على الرضوخ لهم أو فليهدم المعبد على من فيه.
 
أحمد محمد بابكر
 
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox